مسلمو في "بورما" أراكان غرباء في أوطانهم!
أقل نصرة لأخوانك هي أن تنشر قضيتهم وتعرف بها أصدقائك وأقاربك وومعارفك
الروهنجيا شعب مسلم يعيش مأسأة متجددة، آخر فصولها عمره أكثر من نصف قرن. عددهم سبعة ملايين، لكنهم يعيشون غرباء في بلادهم، فبورما التي ضمت إقليمهم المسمى " أراكان " حرمتهم من جنسيتها وأغرقت الإقليم بالمستوطنين البوذيين، وأوكلت إليهم حكمه! فما هي قصة الروهنجا وبلادهم أراكان.
السكان والأرض
كلمة "روهنجيا" مأخوذة من "روهانج" -اسم أراكان القديم- وتطلق على المسلمين المواطنين الأصليين في أراكان، وهم ينحدرون من الأصول العربية والمور والأتراك والفرس والمنغول والباتان والبنغاليين، ومعظمهم يشبهون أهل القارة الهندية شكلاً ولونًا ولا يزالون متمسكين بالعقيدة الإسلامية رغم الأحداث المريرة والانتهاكات الصارخة التي جرت ضدهم خلال القرون العشرة الماضية.
معظم رجال "الروهنجيا" يعملون في الحقول والزراعة والرعي وقليل منهم يشتغلون بالتجارة والتعليم والطب والهندسة والمهن الأخرى. وأما نساؤهم فغالبهن مع كونهم ربات البيوت يساعدن أزواجهن في أعمال الزراعة، ويعملن في الحقول البيتية وتربية حيوانات البيوت.
أما الوظائف الحكومية فبابها مسدود أمام المسلمين الروهنجيا، والنسبة الضئيلة التي حصلت على الوظائف أجبروا على تغيير أسمائهم الإسلامية، وبسبب التمييز العنصري من قبل السلطة البوذية، انسد باب تقدمهم في مجالات علوم الطب والهندسة والقانون، والذين حصلوا على الشهادات والمؤهلات العلمية نسبتهم قليلة جدًّا.
أما خريجو المدارس الدينية وعلماؤهم فهم الذين يحملون المسؤولية الكبرى لتعليم أبنائهم وأولادهم وتربيتهم، وتوجيه عوامهم نحو تعاليم الإسلام ومفاهيمها الصحيحة، ويلاحظ أن السلطات البوذية تقوم بكل الوسائل المانعة أمام هؤلاء العلماء والمدارس.
ويبلغ عدد المدن في أراكان نحو 17 مدينة، أكبرها العاصمة مدينة أكيان التي تقع في شمال أراكان، على مصب نهر كلادان وهي ميناء رئيسي لأراكان، ولا يوجد في كل أراكان أكثر من 150 ميلاً مرصوفًا صالحاً للنقل والمواصلات في جميع المواسم. ولا توجد خطوط للسكك الحديدية بعد توقف الخط الذي أنشأه الاستعمار البريطاني، وكان يربط مدينة شيتاغونغ في جنوب بنغلاديش ومدينة بوسيدونغ في شمال أراكان، ومن أهم وسائل المواصلات لأراكان مع بورما الطرق البحرية والجوية، وبالإضافة إلى ذلك يوجد ثلاثة مضائق جبلية أيضًا، وهي التي تربط أراكان مع بورما عن طريق البر، ومنها مضيق تنغوب، وهو الوحيد الصالح للمرور بسيارات النقل في جميع المواسم.
كيف دخل الإسلام أراكان
يقول الشيخ دين محمد أبو البشر -رئيس منظمة تضامن الروهنجيا-: إن الإسلام دخل في بورما عن طريق أراكان في القرن الأول الهجري، بواسطة التجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه، ومجموعة من التابعين وأتباعهم. حيث كان العرب يمارسون مهنة التجارة، ولأجلها يسافرون إلى أقاصي البلاد ودانيها. وفي يوم من الأيام انكسرت سفينتهم أثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل أراكان، فاضطروا إلى اللجوء إلى جزيرة رحمبري بأراكان ، وبعد ذلك توطنوا في أراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين.
وحيث إنهم وعوا قوله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية" وقوله: "فليبلغ الشاهد الغائب". بدأوا بممارسة الأعمال الدعوية بين السكان المحليين، بالحكمة والموعظة الحسنة. فبدأوا يدخلون في دين الله أفواجا. ثم تردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم. وازداد عدد المسلمين يومًا فيومًا، إلى أن استطاع المسلمون تأسيس دولة إسلامية في أراكان منذ عام 1430م، بيد سليمان شاه.
واستمرت الحكومة الإسلامية فيها أكثر من ثلاثة قرون ونصف إلى أن هجم عليها البوذيون عام 1784م.
وهكذا انتشر الإسلام في جميع مناطق بورما حتى بلغ عدد المسلمين حاليًّا عشرة ملايين مسلم، من بين مجموع سكانها البالغ خمسين مليون نسمة، أي 20% من إجمالي عدد سكان بورما ، أربعة ملايين منهم في أراكان، والبقية منتشرون في جميع المناطق .
أما في اراكان وحدها فتبلغ نسبة المسلمين 70%، منهم حوالي أكثر من مليوني مسلم من الشعب الروهنجيا يعيشون حياة المنفى والهجرة في مختلف دول العالم .
وكانت بورما منذ سيطرتها على أراكان المسلمة عام 1784م تحاول القضاء على المسلمين، ولكنها فقدت سلطاتها بيد الاستعمار البريطاني عام 1824م ، وبعد مرور أكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام 1938م. وأول أمر قامت به بورما بعد الحكم الذاتي هو قتل وتشريد المسلمين في جميع مناطق بورما حتى في العاصمة رانغون ، واضطر أكثر من 500.000 خمسمائة ألف مسلم إلى مغادرة بورما.
وفي عام 1942م قام البوذيون بمساعدة السلطة الداخلية بتنفيذ حملة قتل ودمار شامل على المسلمين في جنوب أراكان، حيث استشهد حوالي مائة ألف مسلم. ومنذ أن حصلت بورما على استقلالها من بريطانيا عام 1948م شرعت في تنفيذ خطتها لبرمنة جميع الشعوب والأقليات التي تعيش في بورما.
وفعلاً نجحت في تطبيق خطتها خلال عدة سنوات. لكنها فشلت تمامًا تجاه المسلمين، إذ لم يوجد أي مسلم بورمي ارتد عن الإسلام أو اعتنق الديانة البوذية أو أي دين آخر.
فلما أحست بورما هذه الحقيقة غيرت موقفها وخطتها من برمنة المسلمين إلى "القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الإسلام من أرض بروما"، وذلك بقتل ونهب وتشريد ومسخ هوتهم وطمس شعائرهم وتراثهم، وتغيير معالمهم وثقافتهم.