كتاب الطهارة
دليل مشروعيتها:
قوله تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}[البقرة 222]، وقوله تعالى: {وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} [الأنفال 11]، وقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} [الفرقان 48].
ومن السنة حديث أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطهور شطر الإيمان)) رواه مسلم
أقسام الطهارة (قسمان):
أولا: طهارة حدث: (مائية وترابية)
دليلها قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. [المائدة 6]
وعِنْدَ مُسْلِمٍ من حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا, إِذَا لَمْ نَجِدِ اَلْمَاءَ ))
1-حدث أكبر (يوجب الغسل)
دليله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا اَلْأَرْبَعِ, ثُمَّ جَهَدَهَا, فَقَدْ وَجَبَ اَلْغُسْلُ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة)) رواه البخاري
وَعَنْها رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ اَلْجَنَابَةِ, وَيَوْمَ اَلْجُمُعَةِ, وَمِنْ اَلْحِجَامَةِ, وَمِنْ غُسْلِ اَلْمَيِّتِ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة
2-حدث أصغر (يوجب الوضوء)
دليله: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ). متفق عليه
ثانيا: طهارة خبث: (مائية وغير مائية)
المائية:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ { كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ اَلْخَلَاءَ, فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً, فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْه
غير المائية:
وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: { لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ" } رَوَاهُ مُسْلِم ٌ
ملاحظة: قد تتعدد الأدلة على المسألة الواحدة فنتقتصر على ذكر بعضها، أو تفوتنا بعض الأدلة فلا نأتـي على ذكرها كلها
..................................................................................
النسبة للطهارة الترابية أو الصعيد كما قلنا فدليل المالكية حديث جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً " صحيح البخاري و عند مسلم : " وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا"
فثبت بالحديث جواز التيمم بالصعيد الطيب و هو ما صعد على الأرض من أجزائها - والحنفية عمموا ذلك لما نبت على الأرض - خلافا للشافعية و الحنابلة فقد حملوه على التراب فقط و حمل الشافعي الحديث السابق على المطلق و حديث التراب على المقيد فقيد المطلق أما المالكية و الأحناف فجعلوه من باب العام و الخاص و هو الصواب إن شاء الله فكان حديث التراب من باب التنصيص و التنصيص على بعض أفراد العام لا يخصص العام إنما يؤكده لأن التخصيص يكون في باب التعارض و لا تعارض بين الحديثين و بذلك يوافق الحديث الآية و يسر الشريعة فالتراب لا يوجد في جميع أنحاء الأرض كما أحتج الشافعية و الحنابلة بقوله تعالى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} فقالوا "من" هي تبعيضية أي امسحوا بوجوهكم وأيديكم ببعضه ، فأجاب المالكية و الأحناف بأن "من" هنا ابتدائية أي ابتداء المسح بأن يضرب الإنسان أولاً يديه على الأرض، ثم بعد ذلك يمسح بهما .
كل ذلك مبسوط في كتب الفقه لكن المقصود أنه الأولى الاستدلال بحديث جابر رضي الله عنه "وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" لأنه يوافق مذهب المالكية في التيمم بالصعيد الطيب و الله أعلم
...................................................
أقسام المياه
أولا: الماء الطاهر المطهر: وهو الماء المطلق أو الطهور (كل ما نبع من الأرض أو نزل من السماء ولم يتغير أحد أوصافه الثلاثة - اللون والطعم والريح - بمخالط طاهر أو نجس).
*دليله:
قوله تعالى: {وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} [الأنفال 11]
ومن السنة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r فِي اَلْبَحْرِ: { هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ, اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ } أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r { إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } أَخْرَجَهُ أبو داود، والنسائي، والترمذي.
ثانيا: الماء الطاهر غير المطهر: ما تغيرت أوصافه أو أحدها بطاهر غير ملازم.
*هذا القسم ليس فيه دليل نقلي، وإنما جعله الفقهاء قسما مستقلا لخفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه شيء من هذه الأشياء الطاهرة.
وقد يقال أن الماء الطاهر المطهر تتطلب فيه صفة المبالغة فيقال له "الطهور"، كقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} [الفرقان 48]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)).
ثالثا: الماء المتنجس: ما حلت فيه نجاسة وغيرت أحد أوصافه الثلاثة
*دليله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ r { لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ } أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ: { لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي, ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ } وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ".
وَلِلْبَيْهَقِيِّ: { اَلْمَاءُ طَاهِرٌ إِلَّا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ, أَوْ طَعْمُهُ, أَوْ لَوْنُهُ; بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ } وهو ضعيف إلا أنه يقويه إجماع العلماء.
قال ابن المنذر: (أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما أو لونا أو ريحا فهو نجس مادام كذلك) الإجماع لابن المنذر.
وننتظر إضافة الأخ عبد الحكيم وفقه الله