أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929م
مقدمة : في الفترة 1914 – 1918 دارت الحرب العالمية الأولى بين دول الوسط و دول الحلفاء وانتهت بانتصار الطرف الأخير .
- كيف أصبحت الخريطة السياسية لأوربا و العلاقات الدولية بعد الحرب . ع . الأولى ؟
- ماهي طبيعة الأوضاع الداخلية بأوربا إلى غاية 1925 ؟
- كيف تطورت الأوضاع العامة و العلاقات الدولية في الفترة 1925 – 1929 ؟
الخريطة السياسية لأوربا و العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الأولى :
1 – معاهدات الصلح و تغيير الخريطة السياسية لأوربا :
* في سنتي 1919 و 1920 فرض الحلفاء على الدول المنهزمة المعاهدات التالية : معاهدة فرساي مع ألمانيا ، معاهدة سان جرمان مع النمسا ، معاهدة نويي مع بلغاريا ، معاهدة تريانون مع هنغاريا ، معاهدة سيفر مع الإمبراطورية العثمانية . وتضمنت هذه المعاهدات اقتطاعات ترابية و إضعافا عسكريا و غرامات مالية.
* أسفرت هذه المعاهدات عن تغيير الخريطة السياسية لأوربا حيث اختفت الإمبراطورية النمساوية- الهنغارية و الإمبراطورية العثمانية، وظهرت دول جديدة، و تقلصت مساحة البلدان المنهزمة لفائدة البلدان المنتصرة و حلفائها .
2 – العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الأولى :
* ظهرت الخلافات في مؤتمر السلام العالمي بباريس ( 1919 ) بين الدول الكبرى : إذ رغبت فرنسا في إضعاف ألمانيا كليا ، بينما تشبثت إنجلترا بالحفاظ على توازن القوى الأوربية ، و اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية المبادئ 14 لولسون التي تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقات الدولية ، في حين طالبت إيطاليا باسترجاع مناطقها المحتلة من طرف النمسا .
* في سنة 1920 تأسست عصبة الأمم التي استهدفت إقرار السلم العالمي و خلق التعاون الدولي معتمدة على أجهزة داخلية منها الجمعية العامة ( جهاز تشريعي للمنظمة) و مجلس العصبة ( جهاز تنفيذي) و محكمة العدل الدولية ( جهاز قضائي ) و الأمانة أو الكتابة العامة ( جهاز مسير للمنظمة ).
الأوضاع الداخلية بأوربا إلى غاية 1925 :
1 – قيام النظام الاشتراكي في روسيا :
* تلخصت أسباب الثورة البولشفية ( الاشتراكية ) بروسيا في النقط الآتية :
- التناقضات الاجتماعية بين الطبقتين الغنية و الفقيرة سواء في المدن أو البوادي .
- تزايد المعارضة السياسية ضد النظام الإمبراطوري الاستبدادي
- الخسائر البشرية و المادية للحرب العالمية الأولى ، و تأزم الوضع الاقتصادي و الاجتماعي الداخلي
- عجز الحكومة المؤقتة عن مواجهة هذا الوضع المتأزم .
* في أكتوبر 1917 ، قاد الحزب البولشفي بزعامة لينين الثورة الاشتراكية في روسيا . و قام النظام الاشتراكي الذي اتخذ قرارات استعجالية منها تجريد البورجوازيين و النبلاء من ممتلكاتهم ، و تأميم وسائل الإنتاج ،وتفويت السلطة لمجالس السوفيا ت ( العمال و الفلاحون الفقراء ) ، و الانسحاب من الحرب العالمية الأولى .
* أدت هذه القرارات إلى الحرب الأهلية و التدخل الأجنبي بروسيا في الفترة 1918 – 1921 : حيث شن البورجوازيون و النبلاء الحرب ضد الدولة الاشتراكية بدعم من الدول الرأسمالية الكبرى التي احتلت هوامش روسيا . و رغم ذلك خرجت الدولة الروسية منتصرة بفعل دعم غالبية الشعب، و نهجها شيوعية الحرب (خطة اقتصادية اشتراكية متطرفة )
2 – انعكاسات الحرب.ع. الأولى على ألمانيا و إيطاليا و فرنسا كنموذج عن أوربا :
* خلفت الحرب ع الأولى خسائر بشرية جسيمة، فانخفضت نسبة السكان النشيطين و نسبة التكاثر الطبيعي، و ارتفعت نسبة الشيوخ.
* دمرت الحرب جميع القطاعات الاقتصادية ، فانخفض الإنتاج الفلاحي و الصناعي و تدهورت المبادلات التجارية .
* انعكس الوضع الاقتصادي على الجانب الاجتماعي حيث ارتفعت نسبة البطالة و الفقر ، و ارتفعت الأسعار.
* أدت الحرب إلى تحولات سياسية ، يمكن تحديدها على النحو الآتي :
- ألمانيا : قيام جمهورية فيمار الديمقراطية ،و تصاعد المعارضة من طرف الشيوعيين ( جماعة سبارتاكوس ) و النازيين ( بزعامة أدولف هتلر ) .
- إيطاليا : قيام النظام الفاشي ( الديكتاتوري- التوسعي ) بقيادة موسوليني الذي اعتمد أسلوب الإرهاب للوصول إلى الحكم سنة 1922
- فرنسا : عدم الاستقرار السياسي ، و تزايد نفوذ الحركات المتطرفة .
الأوضاع العامة و العلاقات الدولية بعد معاهدة لوكارنو ( 1925):
1 – الاستقرار السياسي و الانتعاش الاقتصادي في الفترة 1925 – 1929 :
* في أكتوبر 1925 وقعت فرنسا و ألمانيا و إنجلترا و إيطاليا و بلجيكا على معاهدة لوكارنو ( مدينة في سويسرا ) التي نصت على إقرار السلم بينها .
* في الفترة 1926 – 1929 استرجعت دول أوربا الغربية قوتها الاقتصادية ، فتحسنت بها الأوضاع الاجتماعية . في نفس الوقت شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ازدهارا اقتصاديا عزز صدارتها العالمية
2 – الأزمة الاقتصادية العالمية 1929 :
* ارتبطت هذه الأزمة بالصعوبات التي واجهت الاقتصاد الأمريكي منها عدم مواكبة القدرة الشرائية لتطور الإنتاج ، و المنافسة الأجنبية اليابانية و الأوربية ، و المضاربات المالية .
* ابتداء من الخميس 24 أكتوبر 1929 حدث انهيار الأسهم في بورصة وول استريت بنيويورك . و لم تكن هذه الأزمة المالية سوى انعكاس مباشر لتضخم الإنتاج الذي أدى انخفاض الأسعار و الإفلاس وانتشار البطالة و تدني الأجور.
* إزاء هذا الوضع ، سحبت الولايات المتحدة أموالها من الخارج . في نفس الوقت سادت الحماية الجمركية، و بالتالي انتشرت الأزمة في باقي البلدان الرأسمالية و المستعمرات في الفترة 1930 – 1932 .
* خلفت الأزمة الاقتصادية العالمية النتائج التالية :
- اقتصاديا : تضرر جميع القطاعات الاقتصادية ، و تدخل الدولة في الاقتصاد .
- اجتماعيا : ارتفاع البطالة و الفقر ، و كثرة الإضرابات و المظاهرات
- سياسيا : تصاعد المعارضة و وصولها إلى الحكم كما هو الشأن بالنسبة لقيام النظام النازي الألماني ( بزعامة هتلر ) و النظام العسكري الياباني ، و نهج الأنظمة الفاشية السياسة التوسعية .
خاتمة : أدت مخلفات ما بين الحربين إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية .